شهادات طبية مزورة "تنقل" السل الى لبنان واسئلة عن الاصابات!
مالك القعقور الحياة 2004/06/14
من ملصقات برنامج مكافحة السل.
هل يشهد لبنان بعض الارتفاع في حالات مرض السل Tuberculosis, الذي يُسَمى ايضاً "التدرن الرئوي"؟ ما دفع الى التساؤل هو اكتشاف طبيب الأطفال ابراهيم دبوس ست حالات مصابة بالميكروب في الشهرين الأخيرين. وزاد في قلقه انه اعتاد اكتشاف حال واحدة في السنة, مما جعل الحالات الستة تمثل وضعاً "غير طبيعي".
والمعلوم ان السل مرض رئوي, يسببه نوع خاص من البكتيريا تُسمى "عصيات كوخ" Koch Bacilli. تسبب هذه البكتيريا التهاباً مزمناً في الرئة. وتترك اثرها على الجسم كله, فتصيبه بالوهن وتخفض من قدرته على مقاومة الامراض وما الى ذلك. ويعتبر من أقدم الأمراض وأقواها وأكثرها انتشاراً. ومنذ عقود عدة, ينظر الاختصاصيون اليه باعتباره مرضاً قابلاً للاحتواء والسيطرة.
وتتوافر ادوية عدة لعلاجه. وفي المقابل, فان انتشار الايدز, "مرض فقدان المناعة المكتسبة". اعاد السل الى الواجهة مجدداً. فقد عادت حالات الاصابة به الى الارتفاع في مدن الغرب وحواضره, بالترافق مع انتشار الايدز فيها. والحال ان السل اعتبر دوماً من الامراض "المقيمة" في معظم دول العالم الثالث. وكذلك فقد عاودت موجة الاصابة الى الارتفاع في دول الاتحاد السوفياتي السابق, اضافة الى الدول التي كانت ضمن منظومة الدول الاشتراكية سابقاً.
ما الذي يشهده لبنان؟
وبالعودة الى أوضاع السل محلياً, يميل دبوس الى رد "الارتفاع" الذي لاحظه الى المصادفة, خصوصاً انه سأل زملاء له عن ملاحظاتهم الخاصة, فاكدوا عدم وجود اي داع للقلق.
في المقابل, يؤكد الصيدلي وسيم الشعّار, الذي يملك صيدلية كبرى في بيروت, أن
أسهمت صور أشعة إكس تاريخياً في محاربة انتشار التدرن الرئوي.
أكثر من 30 مريضاً جاؤوا اليه بوصفات طبية فيها دواء للسل خلال الشهرين الماضيين, من بينهم ابني شقيقته! ويُبَيِّن انه أحالهم على وزارة الصحة للحصول على تلك الأدوية, باعتبارها الجهة المخولة توزيعها مجاناً. ويؤكد الشعّار عدم توافر دواء سل في لبنان للأطفال. ويوضح انه يطلب من ذوي الاطفال احضار الدواء من الوزارة, ليعمل هو على تخفيف عياره وتحويله الى سائل يناسب تلك المرحلة العمرية.
ويرجّح دبوس والشعار ان يكون ناقل العدوى الى الاطفال الخادمات الآسيويات والافريقيات.
وسألت "الحياة" الدكتور مطانيوس سعادة, مدير البرنامج الوطني لمكافحة التدرن, عن الموضوع. وينفى سعادة ارتفاع حالات الاصابة بمرض السل, ويؤكد ان اظهار الفحوص الروتينية نتيجة ايجابية لدى مريض لا يعني انه مصاب بمرض السل. ويبيَّن ان ثلث سكان العالم قد تعطي نتائج فحوصهم نتيجة ايجابية! والحال ان عدد المرضى عالمياً هو 8 ملايين, ويموت منهم سنوياً 5,2 مليون, معظمهم من دول نامية.
أما في لبنان فلا شيء يدعو الى القلق, إذ ان نسبة الشفاء فيه بلغت 93 في المئة, أما نسبة الاصابة فتبلغ 10 في المئة ألف. وقد انخفض عدد المرضى من ألف مريض في العام 1993 الى 380 مريضاً في العام 2003. ولم يسجل الفصل الأول من العام الجاري سوى 98 حالة.
ويوضح سعادة ان من أصل الـ350 مصاباً في العام 2003, هناك 50 مصاباً من الأجانب الآسيويين والافارقة, وخصوصاً الاثيوبيين. ويشير الى ان عدد المصابين الأجانب يزداد, بينما عدد المصابين اللبنانيين ينخفض. وينفي سعادة ان يكون انخفاض عدد الاصابات نتيجة لعدم كشف الحالات المصابة. ويبرز احصاءات رسمية دقيقة عن الحالات, اضافة الى ان عدم توافر الدواء الا لدى الوزارة يسهل معرفة المرضى على الاراضي اللبنانية كلها.
ويكشف بأسى "ان هناك شهادات طبية مزورة تعطى لبعض الذين يستقدمون للعمل في لبنان, تفيد بأنهم غير مصابين بالسل... بعد مضي شهر على وجودهم يأتون الينا مصابين, علماً ان بعض الحالات لا يمكن ان تتطور في هذا الشكل في هذه المدة القصيرة". ويشير الى ان ربع الذين ينقلون العدوى هم من المرضى الأجانب. هل يتخذ أي اجراء قانوني في هذا الشأن؟ يجيب سعادة: "ان واجبي قانوناً ان أستقبله وأعالجه لأن بقاءه من دون علاج يسبب خطر انتشار العدوى, بغض النظر عن وضعه القانوني".
ويتحدث سعادة عن توزع نسب الاصابات في المحافظات اللبنانية. ويوضح ان أعلى
تعتبر فحوصات المختبر أساساً في اختبار فعالية الأدوية.
نسبة في البقاع ويليها الشمال ثم جبل لبنان فبيروت فالجنوب. ويشير الى ان للوزارة 8 مراكز متخصصة بالسل, وموزعة على النحو الآتي: مركز زحلة وفيه 43 مريضاً, والهرمل فيه 25 مريضاً, وطرابلس 88 مريضاً, وصيدا 41 مريضاً وصور 28 مريضاً, وبيت الدين 12 مريضاً والكرنتينا 64 مريضاً والمناصفي 64 مريضاً. وعن طرق تلقي العلاج, يوضح ان المرضى يقسمون الى ثلاث فئات: الأولى المريض العادي ومدة علاجه 6 أشهر, والمريض الذي ينقل العدوى, وهو يلقى متابعة يومية من خلال فتيات يزرنه يومـــياً لاعطائـــه الـــدواء, والمرضى "المقاومون" للدواء, اي الذين لا يستجيبون للأدوية التقلـــيدية, ويبلغ عددهم نحو 25, "وهؤلاء يخضعون لعلاج مدته سنتين ونضعهم في مركز العزونية للمتابعة". ويوضح ان "منظمة الصحة العالمية" أبلغت المكتب بموافقتها على تزويد لبنان بأدوية خــاصة لهـذه الفئة.
وعن مسألة عدم توافر الدواء للأطفال, يقول ان "الدواء يعطى للمريض بحسب وزنه, واذا كان المريض طفلاً فيجب ان يقسم القرص الى اجزاء ليعطى الجرعة المطلوبة".
ما هو السل او التدرن الرئوي؟
السل مرض معدٍ. ينتقل بواسطة الهواء من شخص مصاب الى شخص سليم. يصل الى الانسان عن طريق الهواء أكان من خلال العطس او الكلام من قرب, خصوصاً اذا كان ذلك في مكان مقفل. يصيب عادة الرئتين. ويؤثر الفقر والركود الاقتصادي وسوء التغذية وضعف البرامج الصحية في انتشاره. ويشير الاختصاصيون الى ان ثلث سكان العالم يحملون ميكروب التدرن, وبالتالي هم معرضون للاصابة بداء السل. ويموت نحو مليونين ونصف المليون سنوياً. تتركز الاصابة به في العالم الثالث, بنسبة 85 في المئة.
مالك القعقور الحياة 2004/06/14
من ملصقات برنامج مكافحة السل.
هل يشهد لبنان بعض الارتفاع في حالات مرض السل Tuberculosis, الذي يُسَمى ايضاً "التدرن الرئوي"؟ ما دفع الى التساؤل هو اكتشاف طبيب الأطفال ابراهيم دبوس ست حالات مصابة بالميكروب في الشهرين الأخيرين. وزاد في قلقه انه اعتاد اكتشاف حال واحدة في السنة, مما جعل الحالات الستة تمثل وضعاً "غير طبيعي".
والمعلوم ان السل مرض رئوي, يسببه نوع خاص من البكتيريا تُسمى "عصيات كوخ" Koch Bacilli. تسبب هذه البكتيريا التهاباً مزمناً في الرئة. وتترك اثرها على الجسم كله, فتصيبه بالوهن وتخفض من قدرته على مقاومة الامراض وما الى ذلك. ويعتبر من أقدم الأمراض وأقواها وأكثرها انتشاراً. ومنذ عقود عدة, ينظر الاختصاصيون اليه باعتباره مرضاً قابلاً للاحتواء والسيطرة.
وتتوافر ادوية عدة لعلاجه. وفي المقابل, فان انتشار الايدز, "مرض فقدان المناعة المكتسبة". اعاد السل الى الواجهة مجدداً. فقد عادت حالات الاصابة به الى الارتفاع في مدن الغرب وحواضره, بالترافق مع انتشار الايدز فيها. والحال ان السل اعتبر دوماً من الامراض "المقيمة" في معظم دول العالم الثالث. وكذلك فقد عاودت موجة الاصابة الى الارتفاع في دول الاتحاد السوفياتي السابق, اضافة الى الدول التي كانت ضمن منظومة الدول الاشتراكية سابقاً.
ما الذي يشهده لبنان؟
وبالعودة الى أوضاع السل محلياً, يميل دبوس الى رد "الارتفاع" الذي لاحظه الى المصادفة, خصوصاً انه سأل زملاء له عن ملاحظاتهم الخاصة, فاكدوا عدم وجود اي داع للقلق.
في المقابل, يؤكد الصيدلي وسيم الشعّار, الذي يملك صيدلية كبرى في بيروت, أن
أسهمت صور أشعة إكس تاريخياً في محاربة انتشار التدرن الرئوي.
أكثر من 30 مريضاً جاؤوا اليه بوصفات طبية فيها دواء للسل خلال الشهرين الماضيين, من بينهم ابني شقيقته! ويُبَيِّن انه أحالهم على وزارة الصحة للحصول على تلك الأدوية, باعتبارها الجهة المخولة توزيعها مجاناً. ويؤكد الشعّار عدم توافر دواء سل في لبنان للأطفال. ويوضح انه يطلب من ذوي الاطفال احضار الدواء من الوزارة, ليعمل هو على تخفيف عياره وتحويله الى سائل يناسب تلك المرحلة العمرية.
ويرجّح دبوس والشعار ان يكون ناقل العدوى الى الاطفال الخادمات الآسيويات والافريقيات.
وسألت "الحياة" الدكتور مطانيوس سعادة, مدير البرنامج الوطني لمكافحة التدرن, عن الموضوع. وينفى سعادة ارتفاع حالات الاصابة بمرض السل, ويؤكد ان اظهار الفحوص الروتينية نتيجة ايجابية لدى مريض لا يعني انه مصاب بمرض السل. ويبيَّن ان ثلث سكان العالم قد تعطي نتائج فحوصهم نتيجة ايجابية! والحال ان عدد المرضى عالمياً هو 8 ملايين, ويموت منهم سنوياً 5,2 مليون, معظمهم من دول نامية.
أما في لبنان فلا شيء يدعو الى القلق, إذ ان نسبة الشفاء فيه بلغت 93 في المئة, أما نسبة الاصابة فتبلغ 10 في المئة ألف. وقد انخفض عدد المرضى من ألف مريض في العام 1993 الى 380 مريضاً في العام 2003. ولم يسجل الفصل الأول من العام الجاري سوى 98 حالة.
ويوضح سعادة ان من أصل الـ350 مصاباً في العام 2003, هناك 50 مصاباً من الأجانب الآسيويين والافارقة, وخصوصاً الاثيوبيين. ويشير الى ان عدد المصابين الأجانب يزداد, بينما عدد المصابين اللبنانيين ينخفض. وينفي سعادة ان يكون انخفاض عدد الاصابات نتيجة لعدم كشف الحالات المصابة. ويبرز احصاءات رسمية دقيقة عن الحالات, اضافة الى ان عدم توافر الدواء الا لدى الوزارة يسهل معرفة المرضى على الاراضي اللبنانية كلها.
ويكشف بأسى "ان هناك شهادات طبية مزورة تعطى لبعض الذين يستقدمون للعمل في لبنان, تفيد بأنهم غير مصابين بالسل... بعد مضي شهر على وجودهم يأتون الينا مصابين, علماً ان بعض الحالات لا يمكن ان تتطور في هذا الشكل في هذه المدة القصيرة". ويشير الى ان ربع الذين ينقلون العدوى هم من المرضى الأجانب. هل يتخذ أي اجراء قانوني في هذا الشأن؟ يجيب سعادة: "ان واجبي قانوناً ان أستقبله وأعالجه لأن بقاءه من دون علاج يسبب خطر انتشار العدوى, بغض النظر عن وضعه القانوني".
ويتحدث سعادة عن توزع نسب الاصابات في المحافظات اللبنانية. ويوضح ان أعلى
تعتبر فحوصات المختبر أساساً في اختبار فعالية الأدوية.
نسبة في البقاع ويليها الشمال ثم جبل لبنان فبيروت فالجنوب. ويشير الى ان للوزارة 8 مراكز متخصصة بالسل, وموزعة على النحو الآتي: مركز زحلة وفيه 43 مريضاً, والهرمل فيه 25 مريضاً, وطرابلس 88 مريضاً, وصيدا 41 مريضاً وصور 28 مريضاً, وبيت الدين 12 مريضاً والكرنتينا 64 مريضاً والمناصفي 64 مريضاً. وعن طرق تلقي العلاج, يوضح ان المرضى يقسمون الى ثلاث فئات: الأولى المريض العادي ومدة علاجه 6 أشهر, والمريض الذي ينقل العدوى, وهو يلقى متابعة يومية من خلال فتيات يزرنه يومـــياً لاعطائـــه الـــدواء, والمرضى "المقاومون" للدواء, اي الذين لا يستجيبون للأدوية التقلـــيدية, ويبلغ عددهم نحو 25, "وهؤلاء يخضعون لعلاج مدته سنتين ونضعهم في مركز العزونية للمتابعة". ويوضح ان "منظمة الصحة العالمية" أبلغت المكتب بموافقتها على تزويد لبنان بأدوية خــاصة لهـذه الفئة.
وعن مسألة عدم توافر الدواء للأطفال, يقول ان "الدواء يعطى للمريض بحسب وزنه, واذا كان المريض طفلاً فيجب ان يقسم القرص الى اجزاء ليعطى الجرعة المطلوبة".
ما هو السل او التدرن الرئوي؟
السل مرض معدٍ. ينتقل بواسطة الهواء من شخص مصاب الى شخص سليم. يصل الى الانسان عن طريق الهواء أكان من خلال العطس او الكلام من قرب, خصوصاً اذا كان ذلك في مكان مقفل. يصيب عادة الرئتين. ويؤثر الفقر والركود الاقتصادي وسوء التغذية وضعف البرامج الصحية في انتشاره. ويشير الاختصاصيون الى ان ثلث سكان العالم يحملون ميكروب التدرن, وبالتالي هم معرضون للاصابة بداء السل. ويموت نحو مليونين ونصف المليون سنوياً. تتركز الاصابة به في العالم الثالث, بنسبة 85 في المئة.
No comments:
Post a Comment